الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
قيل المرض مفهومه ضروري، إذ لا شك أن فهم المراد منه أجل من قولنا إنه معنى يزول بحلوله في بدن الحي اعتدال الطبائع الأربع فيئول إلى التعريف بالأخفى نهر. (قوله من إضافة الفعل لفاعله أو محله) كل فاعل محل ولا عكس، فإن المريض محل للصلاة فاعل لها والخشبة محل للحركة وليست فاعلة لها ح (قوله ومناسبته إلخ) لم يبين وجه تأخيره عن سجود السهو، وبينه في البحر بقوله: والسهو أعم موقعا لشموله المريض والصحيح، فكانت الحاجة إلى بيانه أمس فقدمه ح. (قوله فتأخر إلخ) أي وكان حقه أن يذكر مع سجود السهو لمناسبة بينهما في أن كلا منهما مثل جزء بالصلاة، أو لأن كلا منهما سجود يترتب على أمر يقع في الصلاة متأخرا عنه، إلا أن سجود السهو مختص بالصلاة، وسجود التلاوة يقع خارج الصلاة أيضا ح. (قوله كله) فسره به لما سيأتي في المتن من قوله وإن قدر على بعض القيام قام ح. (قوله لمرض حقيقي إلخ) قال في البحر: أراد بالتعذر التعذر الحقيقي، بحيث لو قام سقط، بدليل أنه عطف عليه التعذر الحكمي وهو خوف زيادة المرض. واختلفوا في التعذر؛ فقيل ما يبيح الإفطار، وقيل التيمم، وقيل بحيث لو قام سقط، وقيل ما يعجزه عن القيام بحوائجه. والأصح أن يلحقه ضرر بالقيام كذا في النهاية والمجتبى وغيرهما ا هـ. فقوله واختلفوا في التعذر: أي في غير عبارة المصنف، لما علمت أن المراد به في كلامه كالكنز الحقيقي بدليل عطف الحكمي عليه. وبما تقرر ظهر ما في كلام الشارح حيث جعل الحقيقي والحكمي وصفين للمرض مع أنهما صفتان للتعذر لأن المرض فيهما حقيقي؛ وكذا قوله وحده، إن كان الضمير فيه للمرض الحقيقي، فليس ذلك تعريفا للمرض بل تعريف المرض ما قدمناه وإن كان للتعذر المذكور، فقد علمت أن المراد به في كلام المصنف الحقيقي وهو ما لو قام لسقط اللهم إلا أن يعود لمطلق التعذر المبيح للصلاة قاعدا كما هو المراد من قول البحر واختلفوا إلخ فافهم. وقد يأتي الحد بمعنى التمييز بين الشيئين، وعليه فيصح عوده لمطلق المرض: أي القدر المميز بين ما تصح معه الصلاة قاعدا وما لا تصح ما يلحقه بالقيام ضرر، وهو شامل حينئذ لما إذا تعذر القيام حقيقة بالمعنى المار أو حكما. وأما إذا لم يمكن القيام أصلا فهو مفهوم بالأولى (قوله قبلها أو فيها) صفة لمرض، والمرض العارض فيها سيأتي الكلام عليه في قول المتن. ولو عرض له مرض فيها، ولا ينافي قوله أو فيها تقييده بقوله كله، لأن المراد حينئذ تعذر كل القيام الواقع بعد عروض المرض. (قوله أي الفريضة) أراد بها ما يشمل الواجب كالوتر وما في حكمه كسنة الفجر، احترازا عما عدا ذلك من النوافل، فإنها تجوز من قعود بلا تعذر قيام. (قوله خاف) أي غلب على ظنه بتجربة سابقة أو إخبار طبيب مسلم حاذق إمداد. (قوله بقيامه) متعلق بخاف أو بزيادة وبطء على سبيل التنازع (قوله أو وجد لقيامه) أي لأجله ألما شديدا، وهذا وما قبله وما بعده داخل في أفراد الضرر المذكور في قوله وحده إلخ فافهم. (قوله سلس) كفرح ط (قوله أو تعذر عليه الصوم) الأولى أن يقول للصوم باللام التعليلية أي تعذر القيام لأجل الصيام. وعبارة البحر: ودخل تحت العجز الحكمي ما لو صام رمضان صلى قاعدا وإن أفطر صلى قائما يصوم ويصلي قاعدا. (قوله كما مر) أي في باب صفة الصلاة حيث قال: وقد يتحتم القعود كمن يسيل جرحه إذا قام أو يسلس بوله أو يبدو ربع عورته أو يضعف عن القراءة أصلا أو عن صوم رمضان ولو أضعفه عن القيام الخروج لجماعة صلى في بيته منفردا به يفتى خلافا للأشباه ح. أقول: وقدمنا هناك أنه لو لم يقدر على الإيماء قاعدا، كما لو كان بحال لو صلى قاعدا يسيل بوله أو جرحه ولو مستلقيا لا صلى قائما بركوع وسجود لأن الاستلقاء لا يجوز بلا عذر كالصلاة مع الحدث فيترجح ما فيه الإتيان بالأركان كما في المنية وشرحها. ومن العجز الحكمي أيضا ما لو خرج بعض الولد وتخاف خروج الوقت تصلي بحيث لا يلحق الولد ضرر؛ وما لو خاف العدو لو صلى قائما أو كان في خباء لا يستطيع أن يقيم صلبه وإن خرج لا يستطيع الصلاة لطين أو مطر، ومن به أدنى علة فخاف إن نزل عن المحمل بقي في الطريق يصلي الفرض في محمله وكذا المريض الراكب، إلا إذا وجد من ينزله بحر. (قوله ولو مستندا إلخ) أي إذا لم يلحقه ضرر به بدليل ما مر. (قوله أو إنسان) غير في العناية والفتح وغيرهما بالخادم بدله. قال ح: وفيه أن القادر بقدرة الغير عاجز عند الإمام إلا أن يراد بالغير غير الخادم تأمل. ا هـ. أقول: قدمنا في باب التيمم أن العاجز عن استعمال الماء بنفسه لو وجد من تلزمه طاعته كعبده وولده وأجيره لزمه الوضوء اتفاقا وكذا غيره ممن لو استعان به أعانه في ظاهر المذهب، بخلاف العاجز عن استقبال القبلة أو التحول عن الفراش النجس فإنه لا يلزمه عنده. والفرق أنه يخاف عليه زيادة المرض في إقامته وتحويله. ا هـ. ومقتضاه أنه لو لم يخف زيادة المرض يلزمه ذلك وقدمنا في بحث الصلاة على الدابة من باب النوافل عن المجتبى ما نصه: وإن لم يقدر على القيام أو النزول عن دابته أو الوضوء إلا بالإعانة وله خادم يملك منافعه يلزمه في قولهما، وفي قوله نظر. والأصح اللزوم في الأجنبي الذي يطيعه كالماء الذي يعرض للوضوء. ا هـ. ولا يخفى أن هذا حيث لا يلحقه ضرر بالقيام فلا يخالف ما قدمناه آنفا، وبه ظهر أن المراد بالإنسان من يطيعه أعم من الخادم والأجنبي، وأما عدم اعتبار القدرة بقدرة الغير عند الإمام فلعله ليس على إطلاقه بل في بعض المواضع كما قاله ط ولذا قال في المجتبى: وفي قوله نظر، أو محمول على ما إذا لم يتيسر له ذلك إلا بكلفة ومشقة فلا يلزمه الانتظار إلى حصوله فليتأمل. (قوله كيف شاء) أي كيف تيسر له بغير ضرر من تربع أو غيره إمداد. (قوله على المذهب) جزم به في الغرر ونور الإيضاح وصححه في البدائع وشرح المجمع واختاره في البحر والنهر. (قوله فالهيئات أولى) جمع هيئة، وهي هنا كيفية القعود. قال ط: وفيه أن الأركان إنما سقطت لتعسرها ولا كذلك الهيئات ا هـ. تأمل (قوله قيل وبه يفتى) قاله في التجنيس والخلاصة والولوالجية لأنه أيسره على المريض. قال في البحر: ولا يخفى ما فيه، بل الأيسر عدم التقييد بكيفية من الكيفيات فالمذهب الأول ا هـ. وذكر قبله أنه في حالة التشهد يجلس كما يجلس للتشهد بالإجماع. ا هـ. أقول: ينبغي أن يقال إن كان جلوسه كما يجلس للتشهد أيسر عليه من غيره أو مساويا لغيره كان أولى وإلا اختار الأيسر في جميع الحالات، ولعل ذلك محمل القولين، والله أعلم. (قوله بركوع) متعلق بقوله صلى ط. (قوله على المذهب) في شرح الحلواني نقلا عن الهندواني: لو قدر على بعض القيام دون تمامه، أو كان يقدر على القيام لبعض القراءة دون تمامها يؤمر بأن يكبر قائما ويقرأ ما قدر عليه ثم يقعد إن عجز وهو المذهب الصحيح لا يروى خلافه عن أصحابنا؛ ولو ترك هذا خفت أن لا تجوز صلاته. وفي شرح القاضي: فإن عجز عن القيام مستويا قالوا يقوم متكئا لا يجزيه إلا ذلك، وكذا لو عجز عن القعود مستويا قالوا يقعد متكئا لا يجزيه إلا ذلك، فقال عن شرح التمرتاشي ونحوه في العناية بزيادة: وكذلك لو قدر أن يعتمد على عصا أو كان له خادم لو اتكأ عليه قدر على القيام ا هـ. (قوله لأن البعض معتبر بالكل) أي إن حكم البعض كحكم الكل، بمعنى أن من قدر على كل القيام يلزمه فكذا من قدر على بعضه. (قوله بل تعذر السجود كاف) نقله في البحر عن البدائع وغيرها. وفي الذخيرة: رجل بحلقه خراج إن سجد سال وهو قادر على الركوع والقيام والقراءة يصلي قاعدا يومئ؛ ولو صلى قائما بركوع وقعد وأومأ بالسجود أجزأه، والأول أفضل لأن القيام والركوع لم يشرعا قربة بنفسهما، بل ليكونا وسيلتين إلى السجود. ا هـ. قال في البحر: ولم أر ما إذا تعذر الركوع دون السجود غير واقع ا هـ. أي لأنه متى عجز عن الركوع عجز عن السجود نهر. قال ح: أقول على فرض تصوره ينبغي أن لا يسقط لأن الركوع وسيلة إليه ولا يسقط المقصود عند تعذر الوسيلة، كما لم يسقط الركوع والسجود عند تعذر القيام. (قوله لا القيام) معطوف على الضمير المرفوع المتصل في قوله تعذرا، وهو ضعيف لكونه في عبارة المتن بلا فاصل ولا توكيد. (قوله أومأ) حقيقة الإيماء طأطأة الرأس، وروي مجرد تحريكها، وتمامه في الإمداد عن البحر والمقدسي. (قوله أومأ قاعدا) لأن ركنية القيام للتوصل إلى السجود فلا يجب دونه، وهذا أولى من قول بعضهم صلى قاعدا، إذ يفترض عليه أن يقوم للقراءة، فإذا جاء أوان الركوع والسجود أومأ قاعدا كذا في النهر. أقول: التعبير بصلى قاعدا هو ما في الهداية والقدوري وغيرهما، وأما ما ذكره من افتراض القيام فلم أره لغيره فيما عندي من كتب المذهب بل كلهم متفقون على التعليل بأن القيام سقط لأنه وسيلة إلى السجود، بل صرح في الحلية بأن هذه المسألة من المسائل التي سقط فيها وجوب القيام مع انتفاء العجز الحقيقي والحكمي. ا هـ. ويلزم على ما قاله أنه لو عجز عن السجود فقط أن يركع قائما وهو خلاف المنصوص كما علمته آنفا، نعم ذكر القهستاني عن الزاهدي أنه يومئ للركوع قائما وللسجود جالسا، ولو عكس لم يجز على الأصح ا هـ. وجزم به الولوالجي، لكن ذكر ذلك في النهر وقال إلا أن المذهب الإطلاق ا هـ. أي يومئ قاعدا أو قائما فيهما فالظاهر أن ما ذكره هنا سهو فتنبه له. (قوله وهو أفضل إلخ) قال في شرح المنية: لو قيل إن الإيماء أفضل للخروج من الخلاف لكان موجها ولكن لم أر من ذكره. ا هـ. (قوله لقربه من الأرض) أي فيكون أشبه بالسجود منح. (قوله ويجعل سجوده أخفض إلخ) أشار إلى أنه يكفيه أدنى الانحناء عن الركوع وأنه لا يلزمه تقريب جبهته من الأرض بأقصى ما يمكنه كما بسطه في البحر عن الزاهدي. (قوله فإنه يكره تحريما) قال في البحر: واستدل للكراهة في المحيط بنهيه عليه الصلاة والسلام عنه، وهو يدل على كراهة التحريم ا هـ. وتبعه في النهر. أقول: هذا محمول على ما إذا كان يحمل إلى وجهه شيئا يسجد عليه، بخلاف ما إذا كان موضوعا على الأرض يدل عليه ما في الذخيرة حيث نقل عن الأصل الكراهة في الأول ثم قال فإن كانت الوسادة موضوعة على الأرض وكان يسجد عليها جازت صلاته، فقد صح أن أم سلمة كانت تسجد على مرفقة موضوعة بين يديها لعلة كانت بها ولم يمنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ا هـ. فإن مفاد هذه المقابلة والاستدلال عدم الكراهة في الموضوع على الأرض المرتفع ثم رأيت القهستاني صرح بذلك. (قوله بالبناء للمجهول) هذا ليس بلازم وإلا لقال ولا يرفع إلى وجهه شيء. ا هـ. ح ولعل وجه ما قال الإشارة إلى كراهته سواء كان بفعله أو فعل غيره له. (قوله إلا أن يجد قوة الأرض) هذا الاستثناء مبني على أن قوله: ولا يرفع إلخ شامل لما إذا كان موضوعا على الأرض وهو خلاف المتبادر بل المتبادر كون المرفوع محمولا بيده أو يد غيره، وعليه فالاستثناء منقطع لاختصاص ذلك بالموضوع على الأرض ولذا قال الزيلعي: كان ينبغي أن يقال إن كان ذلك الموضوع يصح السجود عليه كان سجودا وإلا فإيماء ا هـ. وجزم به في شرح المنية. واعترضه في النهر بقوله وعندي فيه نظر لأن خفض الرأس بالركوع ليس إلا إيماء ومعلوم أنه لا يصح السجود بدون الركوع ولو كان الموضوع مما يصح السجود عليه. ا هـ. أقول: الحق التفصيل وهو أنه إن كان ركوعه بمجرد إيماء الرأس من غير انحناء وميل الظهر فهذا إيماء لا ركوع فلا يعتبر السجود بعد الإيماء مطلقا وإن كان مع الانحناء كان ركوعا معتبرا حتى إنه يصح من المتطوع القادر على القيام. فحينئذ ينظر إن كان الموضوع مما يصح السجود عليه كحجر مثلا ولم يزد ارتفاعه على قدر لبنة أو لبنتين فهو سجود حقيقي فيكون راكعا ساجدا لا مومئا حتى إنه يصح اقتداء القائم به وإذا قدر في صلاته على القيام يتمها قائما، وإن لم يكن الموضوع كذلك يكون مومئا فلا يصح اقتداء القائم به، وإذا قدر فيها على القيام استأنفها بل يظهر لي أنه لو كان قادرا على وضع شيء على الأرض مما يصح السجود عليه أنه يلزمه ذلك لأنه قادر على الركوع والسجود حقيقة، ولا يصح الإيماء بهما مع القدرة عليهما بل شرطه تعذرهما كما هو موضوع المسألة. (قوله وإلا يخفض) أي لم يخفض رأسه أصلا بل صار يأخذ ما يرفعه ويلصقه بجبهته للركوع والسجود أو خفض رأسه لهما لكن جعل خفض السجود مساويا لخفض الركوع لم يصح لعدم الإيماء لهما أو للسجود. (قوله وإن تعذر القعود) أي قعوده بنفسه أو مستندا إلى شيء كما مر. (قوله ولو حكما) كما لو قدر على القعود ولكن بزغ الطبيب الماء من عينيه وأمره بالاستلقاء أياما أجزأه، أن يستلقي ويومئ لأن حرمة الأعضاء كحرمة النفس بحر عن البدائع وسيأتي. (قوله ورجلاه نحو القبلة) في البحر عن الخلاصة متوجها نحو القبلة ورأسه إلى المشرق ورجلاه إلى المغرب. ا هـ. أقول: هذا يتصور في بلادهم المشرقية كبخارى وما والاها فإن قبلتهم لجهة المغرب عكس البلاد المغربية، أما في بلادنا الشامية ونحوها إذا استلقى متوجها للقبلة يكون المغرب عن يمينه، والمشرق عن يساره وبه اندفع اعتراض بعض المحققين على ما في الخلاصة. (قوله لكراهة إلخ) هي كراهة تنزيهية ط. (قوله ويرفع رأسه يسيرا) أي يجعل وسادة تحت رأسه لأن حقيقة الاستلقاء تمنع الأصحاء عن الإيماء فكيف بالمرضى بحر (قوله الأيمن أو الأيسر) والأيمن أفضل وبه ورد الأثر إمداد. (قوله والأول أفضل) لأن المستلقي يقع إيماؤه إلى القبلة والمضطجع يقع منحرفا عنها بحر (قوله على المعتمد) مقابله ما في القنية من أن الأظهر أنه لا يجوز الاضطجاع على الجنب للقادر على الاستلقاء قال في النهر: وهو شاذ. وقال في البحر: وهذا الأظهر خفي والأظهر الجواز ا هـ. وكذا ما روي عن الإمام من أن الأفضل أن يصلي على شقه الأيمن وبه قالت الأئمة الثلاثة ورجحه في الحلية لما ظهر له من قوة دليله مع اعترافه بأن الاستلقاء هو ما في مشاهير الكتب والمشهور من الروايات. (قوله بأن زادت على يوم وليلة) أما لو كانت يوما وليلة أو أقل وهو يعقل، فلا تسقط بل تقضى اتفاقا وهذا إذا صح، فلو مات ولم يقدر على الصلاة لم يلزمه القضاء حتى لا يلزمه الإيصاء بها كالمسافر إذا أفطر ومات قبل الإقامة كما في الزيلعي. قال في البحر: وينبغي أن يقال محمله ما إذا لم يقدر في مرضه على الإيماء بالرأس، أما إن قدر عليه بعد عجزه فإنه يلزمه القضاء وإن كان موسعا لتظهر فائدته في الإيصاء بالإطعام عنه. ا هـ. قلت: وهو مأخوذ من الفتح فإنه قال: ومن تأمل تعليل الأصحاب في الأصول انقدح في ذهنه إيجاب القضاء على هذا المريض إلى يوم وليلة حتى يلزمه الإيصاء به إن قدر عليه بطريق وسقوطه إن زاد. ا هـ. (قوله في ظاهر الرواية) وقيل لا يسقط القضاء بل تؤخر عنه إذا كان يعقل وصححه في الهداية وهو من أهل الترجيح لكن خالف نفسه في كتابه التجنيس، فصحح الأول كعامة أهل الترجيح كقاضي خان وصاحب المحيط وشيخ الإسلام وفخر الإسلام، ومال إليه المحقق ابن الهمام في عبارته التي نقلناها آنفا، ومشى عليه المصنف لأنه ظاهر الرواية ولما في الإمداد من أن القاعدة العمل بما عليه الأكثر. [تنبيه] جعل في السراج المسألة على أربعة أوجه إن زاد المرض على يوم وليلة وهو لا يعقل فلا قضاء إجماعا وإلا وهو يعقل قضى إذا صح إجماعا، وإن زاد وهو يعقل أو لا وهو لا يعقل فعلى الخلاف. [تتمة] في البحر عن القنية: ولا فدية في الصلوات حالة الحياة بخلاف الصوم ا هـ. وقدمه الشارح قبيل هذا الباب وأوضحناه ثمة. (قوله لا يكفي إلخ) بل لا بد معه من القدرة. (قوله وأفاد إلخ) الأولى ذكره قبل قوله وإن تعذر الإيماء إلخ لأن فيه سقطت الصلاة وفيما قبله سقطت الأركان. (قوله سقوط الشرائط) أي كالاستقبال وستر العورة والطهارة من الخبث بخلاف الوقت وكذا الطهارة من الحدث لأن فاقد الطهورين يؤخر عند الإمام ويتشبه عندهما والمتشبه غير مصل أفاده الرحمتي لكن سيأتي في مقطوع اليدين والرجلين تصحيح أنه يصلي بلا طهارة (قوله بالأولى) لأن العجز عن تحصيل الشرائط ليس فوق العجز عن تحصيل الأركان، فلو لم يقدر المريض على التحول إلى القبلة بنفسه ولا بغيره صلى كذلك ولا إعادة عليه بعد البرء في ظاهر الجواب كما لو عجز عن الأركان بدائع وتمامه في البحر وسيأتي آخر الباب ما لو كان تحته ثياب نجسة. (قوله ولا يعيد) أي في سقوط الشرائط أو الأركان لعذر سماوي، بخلاف ما لو كان من قبل العبد على ما مر تفصيله في الطهارة، وشمل ما لو عجز عن القراءة. وفي البحر عن القنية: ولو اعتقل لسانه يوما وليلة فصلى صلاة الأخرس ثم انطلق لسانه لا تلزمه الإعادة ا هـ. والظاهر أن قوله يوما وليلة لأنه محل توهم لزوم الإعادة إذ الزائد على ذلك لا تلزم إعادته لدخوله في حد التكرار (قوله ولو اشتبه على مريض إلخ) أي بأن وصل إلى حال لا يمكنه ضبط ذلك، وليس المراد مجرد الشك والاشتباه لأن ذلك يحصل للصحيح (قوله ينبغي أن يجزيه) قد يقال إنه تعليم وتعلم وهو مفسد كما إذا قرأ من المصحف أو علمه إنسان القراءة وهو في الصلاة ط. قلت: وقد يقال إنه ليس بتعليم وتعلم بل هو تذكير أو إعلام فهو كإعلام المبلغ بانتقالات الإمام فتأمل. (قوله كذا في القنية) الإشارة إلى ما ذكره المصنف والشارح. (قوله ولم يومئ إلخ) الأولى ذكره قبل مسألة القنية لارتباطه بما قبلها ففصله ما وقع في المتون بعبارة القنية غير مناسب (قوله خلافا لزفر) فعنده يومئ بحاجبه، فإن عجز فبعينه، فإن عجز فبقلبه بحر (قوله يتم بما قدر) أي ولو قاعدا موطئا أو مستلقيا. (قوله على المعتمد) وعن الإمام أنه يستقبل لأن تحريمته انعقدت موجبة للركوع والسجود، فلا تجوز بالإيماء. قال في النهر: والصحيح المشهور هو الأول لأن بناء الضعيف على القوي أولى من الإتيان بالكل ضعيفا. (قوله بنى) أي على ما صلى فيتم صلاته قائما عندهما. وقال محمد: يستقبل بناء على عدم صحة اقتداء القائم بالقاعد عنده وقد مر نهر. (قوله ولو كان يصلي بالإيماء) أي قائما أو قاعدا أو مستلقيا أو مضطجعا كما هو قضية الإطلاق ح (قوله فصح) أي قدر على الركوع والسجود قائما أو قاعدا ح. (قوله لا يبني) لأن اقتداء الراكع والساجد بالمومئ لا يجوز فكذا البناء درر. (قوله إلا إذا صح قبل أن يومئ إلخ) لأنه لم يؤد ركنا بالبناء وإنما هو مجرد تحريمة فلا يكون بناء القوي على الضعيف بحر وهذا ظاهر فيما إذا افتتح قائما أو قاعدا بقصد الإيماء ثم قدر قبل الإيماء على الركوع والسجود قائما أو راكعا، أما إذا افتتح مستلقيا أو مضطجعا ثم قدر قبل الإيماء على الركوع والسجود قائما أو قاعدا فإنه يستأنف كما يؤخذ من قول الشارح لأن حالة القعود أقوى ح. (قوله ولم يقدر على الركوع والسجود) وكذا لو قدر عليهما بالأولى تأمل (قوله وللمتطوع إلخ) لعل وجهه أن التطوع قد يكثر كالتهجد فيؤدي إلى التعب فلم يكره له الاتكاء بخلاف الفرض فإن زمنه يسير وإلا فالمفترض إن عجز فقد مر حكمه وإن تعب فالظاهر أنه لا يكره له الاتكاء تأمل. (قوله وبدونه يكره) أي اتفاقا لما فيه من إساءة الأدب شرح المنية وغيره، وظاهره أنه ليس فيه نهي خاص فتكون الكراهة تنزيهية تأمل (قوله وله القعود) أي بعد الافتتاح قائما (قوله بلا كراهة مطلقا) أي بعذر ودونه؛ أما مع العذر فاتفاقا وأما بدونه فيكره عند الإمام على اختيار صاحب الهداية، ولا يكره على اختيار فخر الإسلام وهو الأصح لأنه مخير في الابتداء بين القيام والقعود فكذا في الانتهاء وأما الاتكاء فإنه لم يخير فيه ابتداء بلا عذر بل يكره فكذا الانتهاء. وأما عندهما فلا يجوز إتمامها قاعدا بلا عذر بعد الافتتاح قائما وهذا إن قعد في الركعة الأولى أو الثانية، أما في الشفع الثاني فينبغي أن يجوز عندهما أيضا في غير سنة الظهر والجمعة وتمامه في شرح المنية. مطلب في الصلاة في السفينة (قوله جار) أي سائر احترازا عن المربوط. (قوله قاعدا) أي يركع ويسجد لا موطئا اتفاقا بحر. (قوله لغلبة العجز) أي لأن دوران الرأس فيها غالب، والغالب كالمتحقق فأقيم مقامه كالسفر أقيم مقام المشقة والنوم مقام الحدث شرح المنية ولذا ذكروا مسألة الصلاة في السفينة في باب صلاة المريض. (قوله وأساء) أشار إلى أن القيام أفضل لأنه أبعد عن شبهة الخلاف والخروج أفضل إن أمكنه لأنه أمكن لقلبه بحر وشرح المنية. (قوله وهو الأظهر) وفي الحلية بعد سوق الأدلة: والأظهر أن قولهما أشبه فلا جرم أن في الحاوي القدسي وبه نأخذ. ا هـ. (قوله والمربوطة في الشط كالشط) فلا تجوز الصلاة فيها قاعدا اتفاقا. وظاهر ما في الهداية وغيرها الجواز قائما مطلقا أي استقرت على الأرض أو لا، وصرح في الإيضاح بمنعه في الثاني حيث أمكنه الخروج إلحاقا لها بالدابة نهر واختاره في المحيط والبدائع بحر، وعزاه في الإمداد أيضا إلى مجمع الروايات عن المصفى وجزم به في نور الإيضاح، وعلى هذا ينبغي أن لا تجوز الصلاة فيها سائرة مع إمكان الخروج إلى البر وهذه المسألة الناس عنها غافلون شرح المنية (قوله في الأصح) احتراز عن قول البعض بأنه لا فرق بينها وبين السائرة كما في النهر. (قوله وإلا فكالواقفة) أي إن لم تحركها الريح شديدا بل يسيرا فحكمها كالواقفة فلا تجوز الصلاة فيها قاعدا مع القدرة على القيام كما في الإمداد. (قوله ويلزم استقبال القبلة إلخ) أي في قولهم جميعا بحر، وإن عجز عنه يمسك عن الصلاة إمداد عن مجمع الروايات ولعله يمسك ما لم يخف خروج الوقت لما تقرر من أن قبلة العاجز جهة قدرته، وهذا كذلك وإلا فما الفرق فليتأمل، وإنما لزمه الاستقبال لأنه في حقه كالبيت حتى لا يتطوع فيها مومئا مع القدرة على الركوع والسجود بخلاف راكب الدابة كذا في الكافي شرح المنية. (قوله مربوطتين) أي مقرونتين لأنهما بالاقتران صارتا كشيء واحد، وإن كانتا منفصلتين لم يجز لأن تخلل ما بينهما بمنزلة النهر وذلك يمنع الاقتداء وإن كان الإمام في سفينة واقفة والمقتدون على الشط، فإن بينهما طريق أو قدر نهر عظيم لم يصح بحر وتقدم الكلام على الصلاة على الدابة والعجلة في باب النوافل. (قوله ومن جن أو أغمي عليه) الجنون آفة تسلب العقل والإغماء آفة تستره ط. (قوله وقت صلاة) مرفوع على أنه فاعل زاد أو منصوب على أنه ظرف لزاد وفاعل زاد ضمير الجنون ح عن القهستاني. واعتبر الزيادة بالأوقات على قول الثالث وهو الأصح وعند الثاني بالساعات وكل رواية عن الإمام، فإذا أصابه ذلك قبل الزوال ثم أفاق من الغد بعده قبل خروج الوقت سقط القضاء عند الثاني لا الثالث بحر، والمراد بالساعات الأزمنة لا ما تعارفه أهل النجوم درر أي من كون الساعة خمس عشرة درجة فالمراد عند الثاني الزيادة بشيء من الزمان وإن قل كما في غرر الأذكار والبرجندي إسماعيل. (قوله فإن لإفاقته وقت معلوم) مثل أن يخف عنه المرض عند الصبح مثلا فيفيق قليلا، ثم يعاوده فيغمى عليه تعتبر هذه الإفاقة فيبطل ما قبلها من حكم الإغماء إذا كان أقل من يوم وليلة وإن لم يكن لإفاقته وقت معلوم لكنه يفيق بغتة فيتكلم بكلام الأصحاء ثم يغمى عليه فلا عبرة بهذه الإفاقة ح عن البحر. (قوله لأنه بصنع العباد) أي وسقوط القضاء عرف بالأثر إذا حصل بآفة سماوية فلا يقاس عليه ما حصل بفعله. وعند محمد يسقط القضاء بالبنج والدواء لأنه مباح فصار كالمريض كما في البحر وغيره والظاهر أن عطف الدواء على البنج عطف تفسير وأن المراد شرب البنج لأجل الدواء، أما لو شربه للسكر فيكون معصية بصنعه كالخمر، وأنه لو شرب الخمر على وجه مباح كإكراه يكون كالبنج فيجري فيه الخلاف. ولا يرد على التعليل سقوط القضاء بالفزع من سبع أو آدمي كما مر لقولهم إن سببه ضعف قلبه وهو مرض أي فهو سماوي. (قوله كالنوم) أي فإنه لا يسقط القضاء أيضا لأنه لا يمتد يوما وليلة غالبا فلا حرج في القضاء بخلاف الإغماء لأنه مما يمتد عادة بحر (قوله وبوجهه جراحة) لم يذكره في الكافي والفتح والبحر والنهر فكان غير قيد كما يأتي. (قوله ولا تيمم) عطف خاص على عام. (قوله وقيل لا صلاة عليه) اختاره صاحب الدرر في متنه وشرحه فقال قطعت يداه ورجلاه من المرفق والكعب لا صلاة عليه كذا في الكافي، وقيل إن وجد من يوضئه يأمره ليغسل وجهه وموضع القطع ويمسح رأسه وإلا وضع وجهه ورأسه في الماء أو يمسح وجهه وموضع القطع على جدار فيصلي كذا في التتارخانية ا هـ. وقوله: أو يمسح وجهه إلخ أي إن لم يقدر على الغسل بالماء بناء على أنه لا جراحة فيه، وبه علم أن قول المصنف بوجهه جراحة ليس بقيد لأن المدار على العجز عن الطهارة ولذا استشهد قاضي خان على ما اختاره من سقوط الصلاة عن المريض العاجز عن الإيماء بالرأس وأن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب بما ذكره محمد فيمن قطعت يداه من المرفقين ورجلاه من الساقين لا صلاة عليه (قوله وقيل إلخ) هو القول الثاني المحكي في عبارة الدرر (قوله بلا عمل كثير) بأن وجد ما يتعلق به أو كان ماهرا في السباحة بحر. (قوله وإلا لا) أي لا يلزم الأداء ويعذر بالتأخير بحر (قوله أمره الطبيب) أي المسلم الحاذق كما ذكروه في الصوم. (قوله لبزغ) بفتح الباء الموحدة وسكون الزاي والغين المعجمة. في القاموس بزغ الحاجم: شرط، ويجوز أن يكون بالنون والعين المهملة ح (قوله من ساعته) المراد بها أن يكون بحيث لو توضأ وصلى يخرج من النجاسة القدر المانع قبل فراغه من الصلاة كما مر تحريره قبيل باب الأنجاس. (قوله إلا أن يلحقه مشقة بتحريكه) عبارة البحر عن الخلاصة إلا أنه يزداد مرضه. ا هـ. والظاهر أنه غير قيد كما أشار إليه الشارح بل المراد حصول الضرر والمشقة نظير ما مر في القيام أول الباب، والله تعالى أعلم.
|